زوارنا اليوم
أقســـــام المقـــالات
- تصحيح الخطاب الإسلامي للمرأة
- تصحيح الخطاب الإسلامي
- حقوق الإنسان
- قضايا الأمة العربية والإسلامية
- قضايا المرأة
- كيف يتحقق الإصلاح
- قضايا الطفولة والشباب
- بحوث ودراسات ومقالات تاريخية
- رسائل ومقالات بعض الأدباء والمفكرين حول كتاباتي
- أدب ونقد
- معاركي الأدبية
- خواطر وخلجات نفس
- قصص من الواقع
- كلماتي في بعض المناسبات
- أنا وأدب الرسائل
- نقاشي مع متابعي التويتر وأصدقاء الفيس بوك
About Me
إرشيف المقالات
-
◄
2020
(38)
- سبتمبر (1)
- أغسطس (3)
- يوليو (2)
- يونيو (5)
- مايو (5)
- أبريل (7)
- مارس (6)
- فبراير (5)
- يناير (4)
-
◄
2019
(68)
- ديسمبر (9)
- نوفمبر (8)
- أكتوبر (5)
- سبتمبر (7)
- أغسطس (10)
- يوليو (3)
- يونيو (6)
- مايو (2)
- أبريل (3)
- مارس (5)
- فبراير (4)
- يناير (6)
-
◄
2018
(76)
- ديسمبر (6)
- نوفمبر (4)
- أكتوبر (7)
- سبتمبر (5)
- أغسطس (6)
- يوليو (4)
- يونيو (6)
- مايو (4)
- أبريل (6)
- مارس (9)
- فبراير (11)
- يناير (8)
-
◄
2017
(65)
- ديسمبر (6)
- نوفمبر (4)
- أكتوبر (8)
- سبتمبر (4)
- أغسطس (4)
- يوليو (4)
- يونيو (5)
- مايو (6)
- أبريل (8)
- مارس (4)
- فبراير (6)
- يناير (6)
-
◄
2016
(136)
- ديسمبر (7)
- نوفمبر (3)
- أكتوبر (8)
- سبتمبر (15)
- أغسطس (12)
- يوليو (13)
- يونيو (23)
- مايو (3)
- أبريل (7)
- مارس (11)
- فبراير (12)
- يناير (22)
-
◄
2015
(64)
- ديسمبر (6)
- نوفمبر (5)
- أكتوبر (5)
- سبتمبر (5)
- أغسطس (6)
- يوليو (5)
- يونيو (7)
- مايو (4)
- أبريل (6)
- مارس (5)
- فبراير (4)
- يناير (6)
-
◄
2014
(68)
- ديسمبر (6)
- نوفمبر (8)
- أكتوبر (10)
- سبتمبر (2)
- أغسطس (5)
- يوليو (3)
- يونيو (5)
- مايو (7)
- أبريل (5)
- مارس (4)
- فبراير (7)
- يناير (6)
-
◄
2013
(125)
- ديسمبر (7)
- نوفمبر (5)
- أكتوبر (9)
- سبتمبر (7)
- أغسطس (8)
- يوليو (10)
- يونيو (10)
- مايو (19)
- أبريل (10)
- مارس (5)
- فبراير (14)
- يناير (21)
حديث الذكريات
كلمة الدكتورة سهيلة في الخطاب الإسلامي (1)
كلمة الدكتورة سهيلة في الخطاب الإسلامي 2
الأربعاء، 21 سبتمبر 2011
في البحرين قاضية!
في البحرين قاضية!
سهيلة زين العابدين حمَّاد
سعدتُ كثيراً بخبر تعيين أول قاضية بحرينية في المحكمة الدستورية ،وهذه خطوة إيجابية من القيادة السياسية البحرينية نحو منح المرأة البحرينية حقوقها السياسية ؛ إذ حسمت الخلاف حول تولي المرأة للقضاء ،كما حسمته من قبل عديد من دول عربية وإسلامية
،وباعتبار البحرين أول دولة خليجية تخطو هذه الخطوة أردت التوقف عندها علَّها تكون بادرة خير للمرأة الخليجية المحرومة من كثير من حقوقها التي منحها إياها الإسلام ، وباسمه نتيجة لرغبة الكثير من الرجال ،ومنهم علماء دين وفقهاء يريدون بقاء وضع المرأة على ما هو عليه لتظل تحت سطوة وسيطرة الرجل الذي يعتبر نفسه هو المخلوق الأعلى والمرأة المخلوق الأدنى ،ويعطي للقوامة وشهادة امرأتين برجل واحد ،وحظ الذكر مثل الأنثيين ،وحديث نقصان عقول النساء ،ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ،وآية النشوز،وغيرها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مفاهيم خاطئة تقوم على النظرة الدونية للمرأة ،وعلى عادات وأعراف وتقاليد جاهلية نبذها الإسلام ،فبالرغم عدم وجود آية قرآنية ،أو حديث نبوي شريف يُحرَّم على المرأة تولي القضاء ،وعدم التحريم يدل على الإباحة إلاَّ أنَّنا نجد خلافاً بين الفقهاء حول تولي المرأة القضاء ،وذلك لأنَّ الفقهاء مع احترامي لهم ،فهم رجال ،والرجل في الغالب يستكثر على المرأة ما أعطاها الإسلام من حقوق ،ويسعى جاهداً لحرمانها من الحقوق التي لا تروق له ،ويريد أن يستأثر بها لنفسه لبسط نفوذه وسيطرته عليها ،ولا سيما حقوقها السياسية كحق الشورى والبيعة والولاية ،ومن ضمن حق الولاية توليها القضاء،وذلك باعتباره، هو الذي يعطي ويمنع ،ويضع الأحكام الفقهية التي بموجبها تصدر أنظمة وقوانين ؛إذ أبعد المرأة عن المجامع الفقهية،وأقصاها منذ زمن عن مواقع الإفتاء.
فالقضاء من الوظائف التي قد تندرج في سلك الوظائف السياسة ،فهي وإن كانت تُعنى بتنفيذ الأحكام الشرعية بين المتخاصمين ،إلاَّ أنَّها من حيث هي جزء من نظام الحكم في الإسلام ،وتعد جزءاً من البُنيان السياسي للدولة.غير أنَّ العلماء اختلفوا في حكم إسناد وظيفة القضاء إلى المرأة ، فبينما ذهب ابن جرير الطبري إلى جواز إسناد وظيفة القضاء إليها مطلقاً مستدلاً بأنَّ القضاء مثل الفتوى ،ولمَّا كان إسناد وظيفة الفتوى إلى المرأة جائزاً بالاتفاق ،اقتضى أن يكون إسناد القضاء إليها جائزاً ،وأن يكون حكمها في شؤون القضاء نافذاً.
وقد نقل ابن حجر في فتح الباري عن بعض المالكية أنَّهم أطلقوا الحكم أيضاً بجواز إسناد مهام القضاء إلى المرأة أي في الجنايات وغيرها .[ ابن حجر العسقلاني : فتح الباري ،13/44.]
في حين نجد اشترط أكثر الفقهاء االذكورة فيمن يتولى القضاء ،وذهب الحنفية إلى عدم اشتراط ذلك في أعمال القضاء المدني نظراً إلى صحة شهادتها في سائر القضايا المدنية ،أمَّا في الحدود والقصاص فقد وافق الحنفية جمهور الفقهاء في اشتراط الذكورة ،لعدم نفاذ شهادتها في الجنايات. [ حاشية ابن عابدين :4/392]
ورغم عدم وجود نص من القرآن والسنة يُحرِّم على المرأة الشهادة في الجنايات ،وهو اجتهاد لبعض الفقهاء ،أي يمثل رأي لهم ،أصبح اجتهادهم نافذاً ،وبُنيت عليه أحكام فقهية أخرى ،مع أنَّهم بنوا اجتهادهم على قياس خاطئ ،لفهم خاطئ لقوله تعالى في آية المداينة (واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْن فَرَجُلٌ وامْرَأَتَان مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذّكِّرَ إِحَدَاهُمَا الأُخْرى)
فهذه الآية ـ كما يقول الدكتور محمد عمارة ـ تتحدث عن أمر آخر غير "الشهادة" أمام القضاء ،تتحدث عن " الإشهاد" الذي يقوم به صاحب الدَّيْن للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه ،وليس عن الشهادة التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين ،فهي موجَّهة لنصيحة صاحب الدَّيْن ،وليس إلى القاضي الحاكم في النزاع" ،فهي ليست تشريعاً موجهاً إلى القاضي ـ الحاكم ـ في المنازعات ،وقد فقه ذلك علماء مجتهدون ،وفصلوا القول فيها ،منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ،وتلميذه العلامة ابن القيم من القدماء ،والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده ،والإمام محمود شلتوت من المحدثين والمعاصرين ،فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم : قال عن البينة التي يحكم القاضي بناءً عليها ..التي وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البينة على المدعي ،واليمين على المدعي عليه " رواه البخاري والترمذي وابن ماجه : ( إنَّ البينة في الشرع ،اسم لما يُبيِّن الحق ويظهره،وهي تارة تكون أربعة شهود ،وتارة ثلاثة ،بالنص في بينة المفلس ،وتارة شاهدين ،وشاهد واحد ،وامرأة واحدة ،وتكون نُكُولاً ـ النكول الامتناع عن اليمين ـ ويميناً ،أو خمسين يميناً ،أو أربعة أيمان ،وتكون شاهد الحال ،فقوله صلى الله عليه وسلم : " البيِّنة على المدعي " أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه ،فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له " هذا ما جاء نصه في كتاب السياسة الشرعية لابن القيم ،وقد أورد ابن القيم تفصيل ابن تيمية هذا تحت عنوان [ الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه] "فهذا في الإشهاد على عقود المداينة للتوثيق ،وليس الشهادة في المحاكم ،لأنَّ المرأة غير ممارسة للبيوع والمداينات ،وقد بين ابن القيم أنَّ المرأة إذا تعلمت ،ومارست هذه الأعمال فيكتفى بشهادة امرأة مقابل شهادة الرجل لأنَّ الهدف هو : ( أن تذكر إحداهما الأخرى ) لعدم ممارستها للبيوع ،وإطلاعها ومعرفتها بالمعاملات المالية ،ولكن إن تمكَّنت من ذلك يكتفى بشهادة امرأة ورجل أو أمرأتيْن ،أو رجلين."
ويقول ابن القيم في الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: (وليس في القرآن ما يقتضي أنّه لا يُحكم إلاّ بشاهديْن ، أو شاهد وامرأتين ،فإنّ الله سبحانه وتعالى إنَّما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب ،ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به ،ومن هنا نجد ابن القيم يستدل بمساواة المرأة بالرجل في الشهادة بقوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أُمةً وسطاً لتكونوا شُهَداءَ على النّاسِ وَيَكُونُ الرسول عليكم شهيداً) على أنَّ المرأة كالرجل في الشهادة على بلاغ الشريعة ورواية السنة ،فالمرأة كالرجل في رواية الحديث،التي هي شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم،وإذا كان ذلك ممَّا أجمعت عليه الأمة ،ومارسته راويات الحديث النبوي جيلاً بعد جيل ـ والرواية شهادة ـ فكيف تقبل الشهادة من امرأة على رسول صلى الله عليه وسلم ،وعلى شرع الله ،ولا تُقبل على واحد من النَّاس؟؟ إنَّ المرأة العدل ـ كما يقول ابن القيم في الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ـ كالرجل في الصدق والأمانة والديانة.
ولكن للأسف الشديد نجد الكثير من الفقهاء يريدون التعامل مع المرأة كناقصة الأهلية ،فأصروا على فرض الفهم الخاطئ للآية الكريمة ،وبناء أحكام فقهية عليه.
بل نجد الكثير منهم أصر على حرمان المرأة من حق الولاية لفهم خاطئ لقوله صلى الله عليهم وسلم ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة )
هذا الحديث بخصوص السبب ،وليس بعموم اللفظ ، ولكن الذين يُحرمون على المرأة حق الولاية في كل شيء حتى على نفسها وحياتها ومالها ،أطلقوا الحديث على عموم اللفظ ،بل وتجاوزوا هذا العموم حتى حرموا المرأة من حق الولاية على نفسها ،فلا يحق لها أن تتبرع بعضو من أعضائها بعد مماتها إلاَّ بموافقة ولي أمرها ،هذا الولي الذي فرض عليها مدى الحياة حتى لو كانت عالمة وباحثة ومفكرة ،ومخترعة ،وتخضع للولي حتى لوكان ابناً ،أو حفيداً ،فاسقاً ، كان أو مدمنا للمخدارات ،متجاهلين قوله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر) ،فهي آية صريحة تعطي للمرأة حق الولاية ،ولكنهم فسروا الولاية هنا بالمناصرة والمعاضدة ليحرموا المرأة من هذا الحق!
............................................................................
نشر في جريدة الخليج الإماراتية في 1\ 5\ 2007م
المصدر/ http://www.alkhaleej.ae/index_sub.cfm
سهيلة زين العابدين حمَّاد
سعدتُ كثيراً بخبر تعيين أول قاضية بحرينية في المحكمة الدستورية ،وهذه خطوة إيجابية من القيادة السياسية البحرينية نحو منح المرأة البحرينية حقوقها السياسية ؛ إذ حسمت الخلاف حول تولي المرأة للقضاء ،كما حسمته من قبل عديد من دول عربية وإسلامية
،وباعتبار البحرين أول دولة خليجية تخطو هذه الخطوة أردت التوقف عندها علَّها تكون بادرة خير للمرأة الخليجية المحرومة من كثير من حقوقها التي منحها إياها الإسلام ، وباسمه نتيجة لرغبة الكثير من الرجال ،ومنهم علماء دين وفقهاء يريدون بقاء وضع المرأة على ما هو عليه لتظل تحت سطوة وسيطرة الرجل الذي يعتبر نفسه هو المخلوق الأعلى والمرأة المخلوق الأدنى ،ويعطي للقوامة وشهادة امرأتين برجل واحد ،وحظ الذكر مثل الأنثيين ،وحديث نقصان عقول النساء ،ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ،وآية النشوز،وغيرها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مفاهيم خاطئة تقوم على النظرة الدونية للمرأة ،وعلى عادات وأعراف وتقاليد جاهلية نبذها الإسلام ،فبالرغم عدم وجود آية قرآنية ،أو حديث نبوي شريف يُحرَّم على المرأة تولي القضاء ،وعدم التحريم يدل على الإباحة إلاَّ أنَّنا نجد خلافاً بين الفقهاء حول تولي المرأة القضاء ،وذلك لأنَّ الفقهاء مع احترامي لهم ،فهم رجال ،والرجل في الغالب يستكثر على المرأة ما أعطاها الإسلام من حقوق ،ويسعى جاهداً لحرمانها من الحقوق التي لا تروق له ،ويريد أن يستأثر بها لنفسه لبسط نفوذه وسيطرته عليها ،ولا سيما حقوقها السياسية كحق الشورى والبيعة والولاية ،ومن ضمن حق الولاية توليها القضاء،وذلك باعتباره، هو الذي يعطي ويمنع ،ويضع الأحكام الفقهية التي بموجبها تصدر أنظمة وقوانين ؛إذ أبعد المرأة عن المجامع الفقهية،وأقصاها منذ زمن عن مواقع الإفتاء.
فالقضاء من الوظائف التي قد تندرج في سلك الوظائف السياسة ،فهي وإن كانت تُعنى بتنفيذ الأحكام الشرعية بين المتخاصمين ،إلاَّ أنَّها من حيث هي جزء من نظام الحكم في الإسلام ،وتعد جزءاً من البُنيان السياسي للدولة.غير أنَّ العلماء اختلفوا في حكم إسناد وظيفة القضاء إلى المرأة ، فبينما ذهب ابن جرير الطبري إلى جواز إسناد وظيفة القضاء إليها مطلقاً مستدلاً بأنَّ القضاء مثل الفتوى ،ولمَّا كان إسناد وظيفة الفتوى إلى المرأة جائزاً بالاتفاق ،اقتضى أن يكون إسناد القضاء إليها جائزاً ،وأن يكون حكمها في شؤون القضاء نافذاً.
وقد نقل ابن حجر في فتح الباري عن بعض المالكية أنَّهم أطلقوا الحكم أيضاً بجواز إسناد مهام القضاء إلى المرأة أي في الجنايات وغيرها .[ ابن حجر العسقلاني : فتح الباري ،13/44.]
في حين نجد اشترط أكثر الفقهاء االذكورة فيمن يتولى القضاء ،وذهب الحنفية إلى عدم اشتراط ذلك في أعمال القضاء المدني نظراً إلى صحة شهادتها في سائر القضايا المدنية ،أمَّا في الحدود والقصاص فقد وافق الحنفية جمهور الفقهاء في اشتراط الذكورة ،لعدم نفاذ شهادتها في الجنايات. [ حاشية ابن عابدين :4/392]
ورغم عدم وجود نص من القرآن والسنة يُحرِّم على المرأة الشهادة في الجنايات ،وهو اجتهاد لبعض الفقهاء ،أي يمثل رأي لهم ،أصبح اجتهادهم نافذاً ،وبُنيت عليه أحكام فقهية أخرى ،مع أنَّهم بنوا اجتهادهم على قياس خاطئ ،لفهم خاطئ لقوله تعالى في آية المداينة (واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْن فَرَجُلٌ وامْرَأَتَان مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذّكِّرَ إِحَدَاهُمَا الأُخْرى)
فهذه الآية ـ كما يقول الدكتور محمد عمارة ـ تتحدث عن أمر آخر غير "الشهادة" أمام القضاء ،تتحدث عن " الإشهاد" الذي يقوم به صاحب الدَّيْن للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه ،وليس عن الشهادة التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين ،فهي موجَّهة لنصيحة صاحب الدَّيْن ،وليس إلى القاضي الحاكم في النزاع" ،فهي ليست تشريعاً موجهاً إلى القاضي ـ الحاكم ـ في المنازعات ،وقد فقه ذلك علماء مجتهدون ،وفصلوا القول فيها ،منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ،وتلميذه العلامة ابن القيم من القدماء ،والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده ،والإمام محمود شلتوت من المحدثين والمعاصرين ،فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم : قال عن البينة التي يحكم القاضي بناءً عليها ..التي وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البينة على المدعي ،واليمين على المدعي عليه " رواه البخاري والترمذي وابن ماجه : ( إنَّ البينة في الشرع ،اسم لما يُبيِّن الحق ويظهره،وهي تارة تكون أربعة شهود ،وتارة ثلاثة ،بالنص في بينة المفلس ،وتارة شاهدين ،وشاهد واحد ،وامرأة واحدة ،وتكون نُكُولاً ـ النكول الامتناع عن اليمين ـ ويميناً ،أو خمسين يميناً ،أو أربعة أيمان ،وتكون شاهد الحال ،فقوله صلى الله عليه وسلم : " البيِّنة على المدعي " أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه ،فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له " هذا ما جاء نصه في كتاب السياسة الشرعية لابن القيم ،وقد أورد ابن القيم تفصيل ابن تيمية هذا تحت عنوان [ الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه] "فهذا في الإشهاد على عقود المداينة للتوثيق ،وليس الشهادة في المحاكم ،لأنَّ المرأة غير ممارسة للبيوع والمداينات ،وقد بين ابن القيم أنَّ المرأة إذا تعلمت ،ومارست هذه الأعمال فيكتفى بشهادة امرأة مقابل شهادة الرجل لأنَّ الهدف هو : ( أن تذكر إحداهما الأخرى ) لعدم ممارستها للبيوع ،وإطلاعها ومعرفتها بالمعاملات المالية ،ولكن إن تمكَّنت من ذلك يكتفى بشهادة امرأة ورجل أو أمرأتيْن ،أو رجلين."
ويقول ابن القيم في الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: (وليس في القرآن ما يقتضي أنّه لا يُحكم إلاّ بشاهديْن ، أو شاهد وامرأتين ،فإنّ الله سبحانه وتعالى إنَّما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب ،ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به ،ومن هنا نجد ابن القيم يستدل بمساواة المرأة بالرجل في الشهادة بقوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أُمةً وسطاً لتكونوا شُهَداءَ على النّاسِ وَيَكُونُ الرسول عليكم شهيداً) على أنَّ المرأة كالرجل في الشهادة على بلاغ الشريعة ورواية السنة ،فالمرأة كالرجل في رواية الحديث،التي هي شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم،وإذا كان ذلك ممَّا أجمعت عليه الأمة ،ومارسته راويات الحديث النبوي جيلاً بعد جيل ـ والرواية شهادة ـ فكيف تقبل الشهادة من امرأة على رسول صلى الله عليه وسلم ،وعلى شرع الله ،ولا تُقبل على واحد من النَّاس؟؟ إنَّ المرأة العدل ـ كما يقول ابن القيم في الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ـ كالرجل في الصدق والأمانة والديانة.
ولكن للأسف الشديد نجد الكثير من الفقهاء يريدون التعامل مع المرأة كناقصة الأهلية ،فأصروا على فرض الفهم الخاطئ للآية الكريمة ،وبناء أحكام فقهية عليه.
بل نجد الكثير منهم أصر على حرمان المرأة من حق الولاية لفهم خاطئ لقوله صلى الله عليهم وسلم ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة )
هذا الحديث بخصوص السبب ،وليس بعموم اللفظ ، ولكن الذين يُحرمون على المرأة حق الولاية في كل شيء حتى على نفسها وحياتها ومالها ،أطلقوا الحديث على عموم اللفظ ،بل وتجاوزوا هذا العموم حتى حرموا المرأة من حق الولاية على نفسها ،فلا يحق لها أن تتبرع بعضو من أعضائها بعد مماتها إلاَّ بموافقة ولي أمرها ،هذا الولي الذي فرض عليها مدى الحياة حتى لو كانت عالمة وباحثة ومفكرة ،ومخترعة ،وتخضع للولي حتى لوكان ابناً ،أو حفيداً ،فاسقاً ، كان أو مدمنا للمخدارات ،متجاهلين قوله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر) ،فهي آية صريحة تعطي للمرأة حق الولاية ،ولكنهم فسروا الولاية هنا بالمناصرة والمعاضدة ليحرموا المرأة من هذا الحق!
............................................................................
نشر في جريدة الخليج الإماراتية في 1\ 5\ 2007م
المصدر/ http://www.alkhaleej.ae/index_sub.cfm
التسميات:
تصحيح الخطاب الإسلامي للمرأة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
شهادات تقديرية
المواضيع الأكثر قراءة
-
إلى خادم الحرميْن الشريفيْن بقلم / د. سهيلة زين العابدين حمّاد قال مؤسس هذه الدولة وال...
-
يا خادم الحرميْن الشريفيْن أهل الحرم النبوي الشريف يستصرخون " وا عبد الله" فهلّا لبيتم النداء! بقلم/ د. سهيلة زين العا...
-
ماذا عن اللائحة التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء؟(1) بالرغم من أنّ المرأة والطفل الحلقة الأضعف والأكثـر عُرضة للعنف والإيذاء نجد النظا...
-
أسماء أئمة المسجد النبوي في العهد السعودي مرتبة حسب الأقدم وفاةً والأحياء الأقدم ولادة (يوجد اسم والدي رحمه الله الإمام الحافظ الشيخ زين ا...
-
طاعة الزوجة للزوج"نظرة تصحيحية" ورقة عمل مقدمة من د. سهيلة زين العابدين حمَّاد عض...
روابط ذات صلة
- إتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة
- رابطة الأدب الإسلامي العالمية
- المركز الوطني للوثائق والمحفوظات
- وزارة الشؤون الإجتماعية بالمملكة العربية السعودية
- وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية
- وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية
- وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة العربية السعودية
- وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية
- وزارة الداخلية السعودية
- الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج
- برنامج الأمان الأسري بالمملكة العربية السعودية
- هيئة حقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية
- الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية
- تابعني علي تويتر
- تابعني علي الفيس بوك
0 التعليقات: